فصل: ما يجب فعله عند اقتتال طائفتين من المؤمنين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.ما يجب فعله عند اقتتال طائفتين من المؤمنين:

إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين لعصبية أو رياسة فهما ظالمتان، وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى.
ولا تكفران بهذا القتال؛ لأن قتال المؤمن أو قتله ليس كفراً مخرجاً من الملة.
ويجب الإصلاح بينهم؛ حقناً لدمائهم، وحفظاً لأموالهم وذرياتهم، مع مراعاة العدل والإحسان في الصلح.
فإن لم يستجيبوا قاتل الإمام الباغية منهما حتى تفيء إلى أمر الله؛ قطعاً لدابر الشر، وإخماداً لنار الفتنة.
1- قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [9]} [الحجرات: 9].
2- وَعَنْ عَرْفَجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ، عَلَىَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ». أخرجه مسلم.

.الحكم إذا لم يستجب الإمام لمطالب البغاة:

للبغاة مع الإمام ثلاث حالات:
1- أن يكف البغاة عن القتال إذا بيَّن لهم الإمام الأمر، فنكف عنهم.
2- أن يستمروا في القتال والخروج بعد بيان الأمر لهم.
فهؤلاء يجب قتالهم؛ لإخماد فتنتهم.
3- إذا لم يكشف لهم الإمام الشبهة، ولم يُزل المظلمة، فليس لهم الخروج عليه، ولا يجوز لهم قتاله، وعليهم أن يصبروا.
1- عن حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله إِنّا كُنّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَل مِنْ وَرَاءِ هَذَا الخَيْر شَرّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلتُ: هَل وَرَاءَ ذَلِكَ الشّرّ خَيْرٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلتُ: فَهَل وَرَاءَ ذَلِكَ الخَيْرِ شَرّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: «يَكُونُ بَعْدِي أَئِمّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلاَ يَسْتَنّونَ بِسُنّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إنْسٍ» قَالَ قُلتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ يَا رَسُولَ الله إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطعْ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أمِيرِهِ شَيْئًا فَليَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». متفق عليه.

.الفرق بين البغاة والمحاربين:

1- المحارب أو قاطع الطريق يخرج فسقاً وعصياناً على غير تأويل، بل فساداً في الأرض.
أما الباغي فهو الذي يحارب على تأويل فيَقتل ويأخذ المال.
2- إذا أُخذ قاطع الطريق ولم يتب فإنه يقام عليه حد الحرابة، ويَرد ما أَخذ من مال.
أما الباغي إذا أُخذ ولم يتب فلا يقام عليه حد الحرابة، ولا يؤخذ منه ما أَخذ من مال إلا إن كان موجوداً بعينه فيرده إلى صاحبه.
3- البغاة جماعة لهم شوكة ومنعة، وأما قطاع الطريق فليس لهم شوكة فقد يكونوا واحداً أو أكثر.

.الفرق بين قتال البغاة وقتال المشركين:

أن يقصد الإمام بقتال البغاة ردعهم لا قتلهم.. ويكف عن مُدْبرهم.. ولا يُجْهز على جريحهم.. ولا يقتل أسراهم.. ولا يَغْنم أموالهم.. ولا تُسْبى ذراريهم.. ولا يُقذفون بما يهلكهم.. ولا تُحرق بيوتهم ومزارعهم إلا إن فعلوا ذلك بالمسلمين.
أما المشركون فللإمام أن يقاتلهم بمثل ما قاتلوه به؛ لأن البغاة مسلمون بخلاف الكفار.
قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [190]} [البقرة: 190].

.حكم الصلاة على مَنْ قُتل من البغاة:

البغاة من المسلمين خرجوا على الإمام بتأويل سائغ، فمن قُتل منهم فهو مسلم، يغسّل، ويكفّن، ويصلى عليه، ويُدفن في مقابر المسلمين.

.3- حكم المرتد:

الردة: هي الرجوع من الإسلام إلى الكفر.
والمرتد: هو من كفر بعد إسلامه طوعاً.

.أقسام الردة:

الردة تحصل بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام.
وتنقسم الردة إلى أربعة أقسام، وهي:
ردة بالاعتقاد.. وردة بالشك.. وردة بالقول.. وردة بالفعل.

.1- الردة بالاعتقاد:

كأن يعتقد الإنسان وجود شريك مع الله في ربوبيته، أو ألوهيته، أو يجحد ربوبيته، أو وحدانيته، أو صفة من صفاته.
أو يعتقد تكذيب رسل الله، أو جحد كتب الله المنزلة، أو ينكر البعث، أو الجنة، أو النار، أو يبغض شيئاً من الدين ولو عمل به.
أو يعتقد جواز الحكم بغير ما أنزل الله، أو يعتقد أن الربا والزنا ونحوهما من محرمات الدين الظاهرة حلال، أو يعتقد أن الصلاة والزكاة ونحوهما من واجبات الدين الظاهر غير واجبة ونحو ذلك مما ثبت وجوبه أو حِلّه أو حُرْمته قطعياً، ومثله لا يجهله، فإنْ جَهِله فلا يكفر، وإن كان يجهله وعرَّفناه حكمه وأصر على اعتقاده كَفَر.

.2- الردة بالشك:

وتكون بالشك فيما سبق، كمن شك في تحريم الكفر والشرك، أو شك في تحريم الربا والزنا، أو شك في حل الماء والخبز، أو شك في الرسل، أو الكتب، أو دين الإسلام ونحو ذلك.

.3- الردة بالقول:

كأن يسب الله، أو رسله، أو ملائكته، أو كتبه المنزلة.
وكأن يدعي النبوة، أو يدعو مع الله غيره، أو قال إن لله زوجة وولداً.
وكأن ينكر تحريم شيء من المحرمات الظاهرة كالزنا وشرب الخمر ونحوهما.
وكأن ينكر وجوب الصلاة والزكاة ونحوهما من الواجبات الظاهرة.
أو يستهزئ بالدين أو شيء منه كوعد الله ووعيده والجنة والنار.
أو يسب الصحابة رضي الله عنهم أو أحداً منهم من أجل دينهم، أو قَذَف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ لأنه كذَّب بصريح القرآن.

.4- الردة بالفعل:

كأن يسجد لصنم من شجر أو حجر، أو يسجد لغير الله، أو يسجد على القبور، أو يذبح لأهلها.
أو يُعرض عن دين الإسلام لا يتعلمه، ولا يعلِّمه، ولا يعمل به، أو يحكم بغير ما أنزل الله، أو يتعلم السحر ويعلِّمه، أو يظاهر المشركين ويعاونهم على المسلمين ونحو ذلك.

.أسباب الردة:

يمكن حصر أسباب الردة في ثلاثة أمور:
الأول: الكفر بالله والتحلل من الإسلام بسب الله، أو سب نبي، أو سب كتب الله، أو سب الدين، أو الاستهزاء بشيء من ذلك.
الثاني: إنكار حكم مجمع عليه في الإسلام، كإنكار وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو ذلك، وإنكار تحريم الخمر والربا ونحوهما.
الثالث: فعل بعض أفعال الكفر كإلقاء مصحف في القاذورات، وكالسجود لصنم ونحو ذلك.

.حكم المرتد:

الردة كفر مخرج من الإسلام، وموجب للخلود في النار إن مات ولم يتب منها.
والمرتد أغلظ كفراً من الكافر الأصلي؛ لأن الكافر لم يعرف الحق، والمرتد عرف الحق وخرج عنه إلى الباطل.
وإذا قُتل المرتد أو مات قبل أن يتوب فهو كافر لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
فالردة أفحش الكفر، وأغلظه حكماً، ومحبطة للعمل إن مات ولم يتب منها.
1- قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [217]} [البقرة: 217].
2- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». أخرجه البخاري.

.حكمة مشروعية قتل المرتد:

الإسلام هو الدين الكامل، والنظام الشامل لكل ما يحتاجه البشر، موافق للفطرة والعقل، قائم على الدليل والبرهان.
والإسلام من أكبر نعم الله على خلقه، وبه تحقق سعادة الدنيا والآخرة.
ومن دخل فيه ثم ارتد عنه فقد انحط إلى أسفل الدركات، وردّ ما رضيه الله لنا من الدين، وخان الله ورسوله.
فهذا يجب قتله؛ لأنه أنكر الحق الذي لا تستقيم الدنيا والآخرة إلا به، وصرف غيره عن الدخول فيه.
1- قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [85]} [آل عمران: 85].

.ما يُفعل بالمرتد:

من ارتد عن الإسلام وهو بالغ عاقل مختار دُعي إليه، ورُغِّب فيه، وعُرضت عليه التوبة لعله يتوب، فإن تاب فهو مسلم، وإن لم يتب وأصر على ردته قُتل بالسيف كفراً لا حداً.
عَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً أسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ عِنْدَ أبِي مُوسَى، فَقَالَ: مَا لِهَذَا؟ قالَ: أسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، قالَ: لا أجْلِسُ حَتَّى أقْتُلَهُ، قَضَاءُ الله وَرَسُولِهِ؟. متفق عليه.

.أحكام المرتد:

1- المرتد عن الإسلام يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب قُبل منه، وإن أبى وجب على إمام المسلمين قتله.
2- يُمنع المرتد من التصرف في ماله في مدة استتابته، فإن أسلم فهو له، وإن أصر على ردته فماله فيء لبيت مال المسلمين.
3- يُفرّق بين المرتد وزوجته المسلمة؛ لأنها لا تحل لكافر.
4- المرتد كافر لا يرث أقاربه المسلمين ولا يرثونه.
5- المرتد كافر، إذا مات لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، فيوارى في التراب في أي مكان.

.حكم زوجة المرتد:

إذا ارتد الزوج فلا تحل له زوجته المسلمة، ويجوز له مراجعتها بعد التوبة مادامت في العدة، فإن خرجت من العدة ولم يراجعها مَلَكت نفسها، فإن رضيت به تزوجها بعقد ومهر جديدين، وإن شاءت تزوجت غيره.
وإن ارتدت الزوجة، فإن تابت فهي زوجته، وإن أصرت على ردتها فهي كافرة لا تحل له.

.صفة توبة المرتد:

توبة المرتد وكل كافر هي أن يسلم، والإسلام أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، نطقاً باللسان، واعترافاً بالقلب، وعملاً بالجوارح.
ومن كان كفره بجحد فرض ونحوه فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به.
فالكافر الأصلي إسلامه يكون بالشهادتين.
والمرتد إسلامه بالشهادتين، وأن يتوب مما كان سبباً في الحكم عليه بالردة، سواء كان جحد فرض، أو جحد محرم مجمع على تحريمه، أو جحد مُحَلَّل مجمع على حله ونحو ذلك.
1- قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [5]} [التوبة: 5].
2- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «أُمِرْتُ أنْ أقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ إلا بِحَقِّ الإسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله». متفق عليه.

.حكم توبة من سب الله ورسوله؟:

من سب الله بأن طعن في حكمته، أو في صفة من صفاته، أو في شرعه، أو قال إن الله مفتقر للزوجة والولد ونحو ذلك من النقائص التي ينزَّه الله عنها فهو مرتد يجب قتله إن لم يتب، فإن تاب قُبلت توبته، وحكمنا بإسلامه.
ومن سب رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم بأن وصفه بما هو نقص في حقه بأن قال إنه كاذب، أو ساحر، أو يخدع الناس ونحو ذلك، فهو مرتد يجب قتله إن لم يتب، فإن تاب قُبلت توبته، وحكمنا بإسلامه.
وكذا من سب الصحابة أو أحداً منهم طاعناً في إيمانهم، فإنه يجب قتله إن لم يتب، فإن تاب قُبلت توبته وحكمنا بإسلامه.
1- قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [53]} [الزمر: 53].
2- وقال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [65] لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65- 66].
3- وقال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [100]} [التوبة: 100].
4- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا تَسُبُّوا أصْحَابِي، فَلَوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أحُدٍ ذَهَبًا، مَا بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ». متفق عليه.

.حكم من تكررت ردته:

من تكررت ردته إذا علمنا صدق توبته قبلناها ولو تكررت؛ لأن الله يقبل التوبة من كل تائب.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَل مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ». متفق عليه.

.حكم السحر:

السحر: عُقد ورقى يُتوصل بها إلى إيقاع الضرر بالمسحور.
ويحرم تعلم السحر، وتعليمه، وفعله، والدلالة عليه.
والسحر من الكبائر، ولا يمكن أن يحصل إلا بمعونة الشياطين، فإن الساحر يطيعهم في الكفر، فيقضون حاجته، والساحر كافر مرتد، فيستتاب، فإن تاب وإلا قُتل مرتداً؛ قطعاً لدابر الشر والمشعوذين والدجالين.
قال الله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: 102].

.4- حكم التعزير:

التعزير: هو التأديب في كل معصية لا حد فيها ولا قصاص ولا كفارة.
فالتعزير كل ما يحصل به الأدب، والأدب هو تقويم الأخلاق، أو فِعل ما يحصل به التقويم.

.الفرق بين الحد والتعزير:

1- الحد يختص بما يلي:
أنه مقدر.. والناس فيه سواء.. وإقامته واجبة.. وتنفيذه مختص بالإمام.. ويُدرأ بالشبهة.. ولا تجوز الشفاعة فيه بعد بلوغه الإمام.
2- التعزير يختص بما يلي:
أنه غير مقدر.. ويختلف باختلاف الفاعل.. ويقام مع وجود الشبهة.. ومقداره ونوعه حسب اجتهاد الإمام.. ويقيمه الإمام أو غيره ممن له حق التأديب كالوالد والزوج والمعلم.. وتجوز الشفاعة فيه ولو بلغ الإمام.
وكلٌّ من الحد والتعزير عقوبة على معصية أو جناية.

.أنواع العقوبات على المعاصي:

العقوبات على المعاصي ثلاثة أنواع:
الأول: ما فيه حد مقدر كالزنا والسرقة، فهذا لا كفارة فيه ولا تعزير.
الثاني: ما فيه كفارة ولا حد فيه كالجماع حال الإحرام، وفي نهار رمضان، والقتل خطأ.
الثالث: ما ليس فيه حد ولا كفارة، فهذا فيه التعزير.